حسین منزوی
تعریب: موسى بیدج
بعد انتهائه من دراسة المرحلة الثانویة، انتقل إلى طهران للدراسة فی جامعتها(1963) فی فرع اللغة الفارسیة لکنه لم یلبث أن ترک هذا الحقل لیدرس فی فرع علم الاجتماع فی الجامعة ذاتها و فی النهایة انتقل إلى العمل فی مجال الصحافة دون أن یتخرج. أصدر حسین منزوی مجموعته الشعریة الأولى بعنوان«حنجرة الغزل الجریحة» فی العام 1969 ففازت بجائزة فروغ فرخزاد التی کانت الأشهر فی ذلک الأوان.
تتابعت مجامیعه الشعریة و ذاع صیته کشاعر حداثی یکتب بالأسلوبین القصیدة الحرّة و الکلاسیکیة و جعلت منه اسماً لامعاً یشار إلیه بالبنان. کتب حسین منزوی قصائد سیاسیة و اجتماعیة و ملتزمة، و لکن قصائده التی تتضمن موضوعات الحب هی الأشهر فعرف بشاعر الحب. نشر هذا الشاعر أکثر من عشر مجامیع شعریة و لأنه کان یجید اللغة الترکیة فقد ترجم أهم ملحمة شعریة بهذه اللغة کتبها الشاعر الکبیر شهریار و هی بعنوان«تحیة لجبل حیدر بابا».
من مجموعاته الشعریة: مع الحب فی ضواحی الفجیعة، عن الصمت و النسیان، الکهرباء و الکافور، مع سیاوش فی النار، بهذه البساطة، توفى الشاعر إثر مرض عضال و صدرت أعماله الکاملة فی العام 2009. هذه نماذج لقصائده الحرة.
جلطة
أیها اللا صدیق!
تترکنی وسط الطریق؟
تقف کی أتوقف عن المسیر؟
لم لا تقدم إجابة
لسؤالی الأخیر؟
کم سیء
أن ینتهی المرء جیداً
و کان من المفترض أن – مایزال- یکون
لمَ تغش یا قلبی؟
و تبدل المواعید بالوعید؟
ألم یفترض
أن نقرأ الفلسفة
أن نتوغل فی التاریخ
أن نُلهب الشعر؟
فلمَ الآن فجأة ...
و ما هذه الفجأة المفاجئة؟!
ما زلت لا أملک حذاء للوقوف
و أنت تعلن النهایة
کی نبقى بلا انتهاء
لم یا قلبی البلید
ألم أریک طُرُقی التی لم أطرقها؟
ألم أقرأ لک قصائدی التی لم أکتبها؟
لمَ الخوف؟
لنضع الخصام
بشأن الألوان، جانباً
أ أزرق کان
أم أبیض
فالباب
إذا تفتحیه أنت
سیکون منفذاً
فی جدران الحجر و القدر
الجار
یقذف الحجارة
و یسقط الکرز فی الحوض الخاوی
الحجارة
تشوش نوم الأطفال
و ترهب الطیور لتهرب
و لکن
فی النهایة
سـ
تـ
سـ
قـ
ط
الساعة لا تخاف
من أی جرس
و الحب
لا یقف
بصفارة أی شرطیٍّ
تعفّر الشمس فی الشارع
و رجم المصباح فی الزقاق
لا یطفأ ضیاء عیوننا
نحن الاثنان
أنا
الذی أصل
و قطعة من السماء
فی یدی
و أنتِ
التی تفتحین الباب
و تستقبلیننی بوردة آس
على صدرکِ
محاصر اللیل بالکلاب
و مع ذلک
فکرومنا
تحبو نحو العنب
فی قلب الظلام.
جرح قدیم
جوعی
قدیمٌ
إذا توصلت إلى الحبّ
زنی قوتی
بالقبضة و السرعة
فلیس من سوء الحظ
إذ أتیت إلیک
سأحتاج مندیلاً من ثوبک
کی أضمد جرحی القدیم
و قبلة من شفاهک
کی أجدّد عالمی.
معی
تصدّق
أو لا تصدّق
کان أحدهم یتنفس معی
هذا أمر رهیب
و لکن علیک أن تصدق
لست وحیداً
حتى إن کنت لوحدک!
کل الأیام
کل صباح
تشرق الشمس
من الصفحة الأولى لبطاقتکِ
و لستِ أنت تحت رحمة التقویم
و إنما التقویم
یطوی صفحته تحت قدمیک
فما الفرق
أن یکون الیوم
الثالث من نیسان
أو السادس و العشرین من حزیران
أو السابع و العشرین من تموز
أو لا یکون
فالسادس عشر من أیلول أیضاً
لیس یوم میلادک.
فلتکن الأیام
کلها ملکاً لکِ
أنت التی ولدتْ منک کل أمهات العالم.
وقف التنفیذ
اشتقت إلیک
حتى النخاع
متى ستبدل عقارب الساعة وقارها
باضطرابی؟
أیتها العقارب الکسولة
هل عرضت قبلی المساعدة
لأحد تجلس حبیبته إلى جانبه؟
فی مساء نهایة أیلول
لا توجد نجمة واحدة قلقة من أجلی
أعود إلى الغرفة
أدور باللیل فوق رأسی
و أضربه بالحائط.
صوت الأصوات
اضربوا
اضربوا
اضربوا
یضربون
لکن الصوت لیس عظاماً
تتهشم بضربة هراوة
لیس بشرة
تتشقق بضربة سکین
لیس إصبعاً
تتهشم فی الهاون
ولا حتى حنجرة
تختنق بحبل
أنا أعرف الأصوات
هذه العبرات المترنمة بالأناشید
أعرف
إذا حبست فی قفص
ستجعل السماء مشبکةً
و إذا انطلقت
ستجعل الأرض
تطیر.