کتب ابن بطوطة اشیاء جمیلة عن اهمیة هذه المدینة, وکانت محط رحال المتنبی فی آخر رحلاته. کما ذکرت شیراز مراراً فی الشعر العربی المعاصر, لذا فإن بمقدور هذه المدینة أن تمارس دور میعاد یجمع کل المهتمین بالشعر والادب. مدینة فاضلة اقتبسنا اسم مجلتنا من اسمها.
قرابة نسبیة وسببیة اکیدة جمعت الادبین الایرانی والعربی منذ القدم. نظم الشعراء الایرانیون شعراً بالعربیة ودوّن علماء ایران مؤلفاتهم بالعربیة والفارسیة، فکانت هذه ظاهرة استمرت عشرة قرون ولم تنحدر نحو الافول الا فی غضون المئة عام ا لاخیرة بسبب انشداد شعوب العالم الاسلامی المختلفة لمنجزات الغرب التقنیة.
مع دخول التقنیة الغربیة لبلدان العالم الاسلامی, وجدت الثقافة الغربیة هی الاخرى الطریق الى تلک الامصار ممهداً حیالها. هذا الاهتمام وهو طبیعی فی جزء منه, وغیر طبیعی فی اجزاء کثیرة, أسفر عن غفلة الشعوب المتجاورة عن بعضها رغم قواسمها التاریخیة والجغرافیة والدینیة والثقافیة المشترکة العدیدة. البعض من اصحاب الاقلام والافکار فی ایران والعالم العربی طفقوا یستحسنون کل غربی بلا أی تبصر أو تدبر ناقلینه الى حیز آدابهم وثقافتهم المحلیة. وهم فی ذلک ینسون أن الأمر کان معکوساً الى ما قبل مئة عام فقط, إذ کان الباحثون الغربیون هم المقبلون فی غمرة تطلعاتهم الروحیة, على آداب الشعوب الاسلامیة وثقافتهم, یستلهمونها ویرتشفون منها ما یروی ظمأ أرواحهم.
ترنو مجلة «شیراز» فی حدود المتاح الى مد ماتیسر لها من الجسور بین الادبین الایرانی والعربی المعاصرین ... جسور من جنس الشعر والقصة والمقالة والحوار. انها تصبو الى فتح نافذة لأولئک الذین قال عنهم عبدالوهاب البیاتی فی قصیدة «قمر شیراز»: یحلمون بالقمر الشیرازی الاخضر فوق البوابات الحجریة.